dimanche 4 décembre 2016

كتب في الزنزانة

كتب في الزنزانة

كُتٌب في الزنزانة
كانت لحظة الإنفجار وكل ما حدث بعدها مثاليا ونموذجيا و رائقا، لم يحدث أكثر من خمسين إعداما، و لم تدمّر سوى خمس بنايات. بعد سنوات من ذلك فقط عرف شعب "فورجتين لاند" (1) الرواية الحقيقة للمباني الخمس و للإعدامات الغامضة.
يتذكر صديقه الكاتب ما حدث تلك الليلة " لقد مر بي منذ الصباح وطلب مني أن أعد قائمة بالكتب لنحملها معنا، في مهمّته الليلية.
وفي المساء عاد و طلب مني أن أرافقه.. ثم انطلقنا إلى القاعدة التي يرابط فيها و فتح الشاشات التي أمامه، ثم فتح جهازه اللاسلكي وأعطى أوامره تباعا" إقتحموا تلك المباني " وهاتولي فلان و فلتان " ثم دمروا تلك المباني
كانت تلك المباني هي مقرات التلفزات الخاصة و العامة، و لم يفلح رجائي معه في إعفاء المباني من التدمير "لقد كانت تلك مقرات بث البهامة على نطاق وطني، يجب أن تدمّر و يبقى ركامها، لقد صنع ما يكفي من الدنس في تلك الرقع الصغيرة ما يصيب الأرض قاطبة بالقحط لمدة قرون، لقد قيل من الأكاذيب ودنس من الحقائق و سُفه من الحكماء عبر تلك الشاشات ما لا تكفي خمسون سنة حكمة لمسح آثاره، لم يتسامحوا معنا و لن نتسامح معهم، حتى حيطانهم مدنسة، لن يطهرها إلا الركام...
لقد كان يشاهد عبر شاشاته مشاهد تدمير تلك المباني الوسخة وهو يترشف كأسا من النبيذ المعتق "لقد أسميت هذه القارورة قارورة النصر ومنذ فكرت في هذا اليوم اشتريت هذه القارورة الفاخرة و خبأتها لهذا اليوم و لهذ اللحظة تحديدا"
و بعد لحظات قليلة التحق بنا "بن بريك" و الأرض لا تكاد تسعه من الفرح "عملتها يا طحان هههههههههههه" هيا هاتهملي خنعملولهم المحاكمة الأخيرة" لم أفهم ما يقصده إلى أن وصل المعتقلون و لم أكد ما أصدق ما أرى... كل تلك الوجوه التي ادعت الحكمة و بثت خطاباتها عبر تلك الأبواق لسنوات متواصلة دون رقيب أو حسيب أو مجيب.. و سرعان ما ابتدأت المحاكمة
المتهم الأول "شمير الواكي"، ثلاثة أسئلة: بعد قداش من عام من وفاة الرسول كتب البخاري الصحيح متاعوا ؟ ما نعرش، قريتش القرآن؟ لا، قريتش رواية لميلان كونديرا" لا.. الحكم. تحبسوا لخرا في بيت لين تقرا راس المال يا جربوع، وقت ما تقص على القراية إعدام و كي تكمل تقرا إعدام... هزوا من قدامي الخراء
"محمد بو غنام" قريتش للبشير خريف؟ قريت أجاب بو غنام و هو يرتجف... يا طحان قريت للبشير خريف و تطلع في الخرا من جلغتك، ما نيش مسامحك علي كتبتوا من عشر سنين على التوانسة إلي يأبنوا في كاسترو، يا بغل
وقام من كرسيه و دفعه بساقه إلى البركة أسفل القاعة، لم يكن المسبح خاليا، كان التمساحان الجائعان ينتظران ما سيقدم لهما في ذلك المساء و قد كانت الوليمة التي أعدا الضابط لهم سخية جدا...
سي عناء..إيحا لهنا، كان المسكين يرتعد مما حدث لسابقيه ودون أي مقدمات تم حمله ورميه للتماسيح الهائجة من رائحة الدماء في البركة الثانية..
و في ساعتين أصبحت أغلب تلك الوجوه المعروفة وليمة للتماسيح الشرهة و النهمة و التي تزداد شراهتها برائحة الدماء في البركة.. إعلاميون و خبراء إقتصاديون مأجورون و كل كلاب الحراسة المسعورة... المقدادان، مقداد النهضة و مقداد الموسيقى.. البوبكران، بو بكر الجديد و بوبكر أيام السابع..المذيع الأصلع السمين صاحب النكات البايخة..
لقد ترك بعضهم أحياء ليعذبهم.. كان التعذيب أن يقرأ هؤلاء أرفع ما كتب في الفكر والأدب، ثم يرموا إلى التماسيح بعد ذلك غير مأسوف عليهم...
و مع آخر رشفة نبيذ التفت وقال: غدا تبدأ الثورة صديقي..
-----------------------
1 ForgettingLand