lundi 22 juillet 2019

صورتان

هذا جزء من نص قديم كتبته و أعيد نشره هنا دون مراجعة أو تعديل
الصّورة الأولى
كان فنّان راب لا أكثر، لم تكن لتفرق بينه و بين أي مغن راب آخر في العالم، القلادة السميكة المتدلية من عنقه و قبعته السوداء المائلة على رأسه،يدلّان مباشرة على  ذلك،و لولا صورة النجمة السداسية التي تملأ كامل محيط قميصه الأسود لما خمنت أنه يهودي، كان صورة نمطية لكل شاب من عمره في العالم يعيش مثلما يعيش لكنّ نبرته  المتعالية وفظاظته تحملان طابع محتلّ نزق.
 بعد أن أخذ بعض الصور و هو يحتضن فتاته بدأ يتحدث كمن يلقي درسا " كفوا عن مناداتنا بجيش الاحتلال، ليس لدينا جيش هجوم او جيش احتلال، لدينا جيش الدفاع الإسرائيلي، لأنه لو كان لدينا جيش احتلال فكثير من الناس يعلمون بأنّنا قادرون على احتلال نصف
.الشرق الأوسط خلال 48 ساعة



الصّورة الثانية
كان جنديّا مارينز يتحرّكان بصعوبة تحت ثقل معداتهما و أسلحتهما، توقفت السيارة أين أشارا لها، صوبا بندقيتهما إلى السائق و مرافقه و أمراهما بالجلوس على الأرض ووضع أيديهما على رؤوسهما، كان السائق شابا في آخر عهده بالشباب، برفقة  ما بدا لي أنه والده العجوز، لعلّهما لم يفهما اللغة الزاجرة للجندي الأمريكي أو لعلّهما فهما و لم يقبلا الركوع، لكن الجندي الذي ظهر عملاقا أمامهما من فرط تسليحه و تدريعه، لم يقبل بهذا التلكؤ ممّن ليس لهما من الأمر إلا السمع و الطّاعة، ليجذب الشيخ الكبير و يسحبه إلى الأرض من عنق قميصه، ثمّ يصوب السلاح إلى رأسه. ملئت صورة هذه الحركة كامل الفضاء الذي أشاهده في تلك اللحظة  و إلى الآن إلى الحد الذي لم أتذكر كيف جلس الشّاب القرفصاء، ولم أفق من هول إذلال الشيخ إلّا على هول صورة الشاب واضعا يديه على رأسه ووجهه المحتقن، لا يكاد يرفعه ليرى أحدا.. أنا لا أود أن أصدر حكما لكني تمنيت لو أنه مات في تلك اللحظة، أو ثار أو غضب.. المهمّ أن لا تبقى صورة الشاب العاجز الذي لم يردّ الفعل
---------
بقيت تحت تأثير الصورتين ردحا طويلا من الزمن أضيفت إليها صور للحظات أخرى فارقة في حياتي الشخصية و ربما في العالم حدّدت توجهاتي ومساراتي و طريقة تفكيري ولازالت، و حدّدت خاصّة في أي صف أكون إن كان لا بد من صف، وحدّدت لي على الأقل قائمة بما أود أن أفعل و خاصّة ما لا أودّ أن أفعل، و ما لا أرغب أن أكونه و من و ما  أحبّ و من  وما أكره..