jeudi 14 janvier 2016

أي معنى لإنقسام نداء تونس

أي معنى لإنقسام نداء تونس

لم يكن انقسام نداء تونس الحزب الفائز بأكبر نسبة من مقاعد المجلس التأسيسي بالإنتخابات التشريعية الأخيرة أمرا غير متوقع، فنشأة  الحزب و تركيبته الهجينة حملت في نواتها بذور انقسامه و ربما انفجاره و تشظيه في قادم المراحل

التكوين و التركيبة

بعد إنتخابات 23 أكتوبر 2011 و التي أسفرت عن فوز كاسح لحركةالنهضة الذي تحصل على حوالي 90 مقعدا في المجلس التأسيسي، خاصة مع ضياع حوالي مليون صوت آخر بين عشرات القائمات في كل جهات البلاد، ظهرت الضرورة ملحة لكل المدارس الفكرية  السياسية في البلاد للتكتل في أحلاف عمل سياسي، انتخابية و نضالية.فتأسست الجبهة الشعبية من قبل الأحزاب العمالية و القومية و البعض من المستقلين الثوريين كما أسست بعض الأحزاب "الوسطية" الإتحاد من أجل تونس و بالمثل و في خضم كل ذلك الحراك ظهر   حزب نداء تونس كتشكيل هجين بين العديد من الأفراد يجمع  بينهم على حد قول رئيسه"حب تونس"  
حيث بهذا المعنى اجتمع مؤسسوا الحزب كردة فعل على سيطرة النهضة و تغولها ليعيدوا شيئا من التوازن المفقود في المشهد السياسي بعد إنتخابات  2011. و قد ضم الحزب بعض النواب المنسحبين من كتلاتهم ك خميس قصيلة و العديد من المثقفين التونسيين و المناضلين اليساريين السابقين ; و نشطاء في جمعيات دولية "غير خكومية" كمحسن مرزوق الناشط السابق ب فريدوم هاوس (freedom House)
    ونقابيين كالطيب البكوش و حقوقيين ومناهضين لحزب بن علي و خاصة بعض رجال الصف الثاني لحزب بن علي الذين لم يجدوا مكان لهم مع النظام الحاكم في تونس أيام بن علي و على رأس هؤلاء "االباجي قائد السبسي" رئيس برلمان بن علي في 1990 و 1991.
 و منذ تكوين نداء تونس نجح في لفت الإنتباه نظرا للوجوه التي أسسته  مما ساهم في بناء قطبين كبيرين بحجم متابعيهم و  مريديه حيث أن التناقض بين القطبين تمحور حول ما يسمى بمنجزات الحداثة أو منجزات دولة الإستقلال التي تمترس "نداء تونس" بها في الوقت الذي كشفت حركة النهضة في زهوة إنتصارها عن نيتها المبيتة ضد شيئ من دولة الإستقلال مما أخاف أغلبية التونسيين وجعلهم يبحثون عن حصن حصين لتلك الإنجازات على ندرتها خاصة مع الفشل الموضوعي للجبهة الشعبية في استنهاض همم التونسيين  و توجيههم نحو المسألة الإقتصادية و الإجتماعية و التخفيف من حدة الإستقطاب الثنائي حول الحداثة خاصة بعد الإغتيالين  السياسيين الكبيرين الذان حمل أغلبية التونسيين مسئوليتهما لحركة النهضة.

مرحلة ما بعد إنتخابات 2014

و جائت إنتخابات 2014 أخيرا في مرحلة رسخ فيها الحزب أقدامه جيدا في الوعي التونسي العام ليترجم هذا الترسخ بانتصار كبير في بحصوله على أكبر عدد من المقاعد في مجلس نواب الشعب و لتبدأ رحلة تكوين الحكومة التي امتدت أشهرا لتسفر عن حكومة "توافقية" ما بين أحزاب النهضة و النداء و آفاق تونس و الحزب الوطني الحر، حكومة توافقية بقيادة  شخصية وطنية غير متحزبة كما سوق هؤلاء فكان الإختيار على "الحبيب الصيد" أحد وزراء بن علي السابقين ووزير حكومة الباجي قبل انتخابات 2011. غير أن شهر العسل في الحزب ما فتئ أن انتهى سريعا بعد ظهور العديد من المناوشات و تبادل الإتهامات ما بين أقطاب هذا الحزب خاصة بين  محسن مرزوق والحافظ قائد السبسي نجل الرئيسي الحالي ومما يجدر التنويه به أن جل تلك الخلافات لم تكن حول خيارات سياسية استراتيجية أو حول مسائل إقتصادية مالية ، إلى أن بدأت تكبر الخلافات و رغم السعي الحثيث للعديد من مناضلي الحزب لرأب الصدع و للقيام بمؤتمر انتخابي إلا أن مؤتمر سوسة الأخير  الذي أسفر عن إختيار هيأة تأسيسية طعنت فيها أغلب قيادات الحزب.

الدلالات 

قبل الإنتخابات الرئيسية و التشريعية صرح الناشط اليساري فتحي الدبك بقناة نسمة التونسية بأنه لا خوف على الديمقراطية من حزب  ،نداء تونس لأن العديد من أعضائه لا يمكن أن يكونوا في حزب فاشي حسب تعبيره و إذ كان هذا التصريح يعكس الرأي العام التونسي الذي ساند الرئيس الحالي في الدور الثاني من الإنتخابات الرئيسية غير أن المتابع و الملاحظ للمشهد الحالي يرى أن العديد من هذه الوجوه و التي ساهمت في بناءه أعلنت عن تجميد عضويتها أو انسحابها دون نسيان انشقاق محسن مرزوق و استقالة لزهر العكرمي  من الحكومة ثم من الحزب و التي حسب تعبير الأخير هي حكومة بلا أيد و عاجزة عن اتخاذ قرارات, و لمتسائل أن يسأل أية حصيلة فعلية يقدمها نداء تونس  لناخبيه و الوطن بعد عام من انتخابه؟ 
هل تم كشف حقيقة الإغتيالات السياسية التي وعد الرئيس الحالي بنفسه قبل إنتخابه على السهر على هذا الموضوع  ومتابعته
هل تحالف النداء مع النهضة أم لم يتحالف مما يدفعنا أن نسأل لاحقا عن التعبيرة الطبقية لهذين الحزبين و هل أن لجم  جموح حركة النهضة كان بفعل التوازن الإنتخابي أم بفعل الحراك المواطني و المجتمع المدني؟
هل سن مجلس نواب الشعب قوانين مع حرية المعتقد و تحمي الحريات و تحمي الناس خاصة مع تكرر الإعتداءات على حقوق الإنسان من قبل السلطة بحجة مقاومة الإرهاب و بحجة حماية المقدسات؟  
هل تمت حماية القطاعات الشعبية من الفساد المستشري بالبلاد و هل تمت محاسبة المفسدين الذين طال انتظار محاسبتهم و محاكمتهم؟
و هل وضحت لنا الحكومة طبيعة التحالف الذي أبرمته الدولة مع الولايات المتحدة الأمريكية, ما مغزاه وما  مغزى الإنضمام  لتحالف الإسلامي بقيادة السعودية في محاربة الإرهاب خاصة و أن  القاصي و الداني يعلم مدى سخف هذا الإدعاء؟
 و لست مغاليا إن قلت أن حصيلة الحكم الحالي سلبية بشهادة أول المنسحبين منها لزهر العكرمي الذي صرح بأن لا نية لهذه الحكومة  بمحاربة الفساد و بحل أغلب المشاكل المستعصية.
و الآن ألا يحق للمتابع و نحن نعيش في الكرى الخامسة للثورة أن يتسائل هل استطاع الحزب الذي صعد للإنتخابات أن يواجه أو يبدأ في مواجهة المخاطر التي تترصد بالبلاد أم هل أنه يرفض حلها رغم وجود العديد من الكفاءات و الشخصيات الوطنية فيه 
و أية علاقة ما بين عجزه في الحكم و أزمته الداخلية التي أدت تقريبا إلى طرد ناعم لكل الوجوه التي كانت سببا في حصول الحزب على ثقة منخرطيه أولا و ناخبيه ثانيا بعد مؤتمر سوسة الموسوم بالإنقلابي و الذي أسفر عن هيأة تأسيسية غير منتخبة فرضت فرضا 
  وهل أن حزبا مدنيا ينقلب على الديمقراطية داخله و يأتي بوجوه ثانوية كالحافظ قائد السبسي خاصة قادر فعلا على المحافظة على    الديمقراطية و مكتسبات الثورة, و على رأسها حرية التنظم و التظاهروحرية التعبير  ولنا أن ننوه
بتذرع الحكومة  بموضوع الإرهاب أكثر من مرة لتدعو لوحدة وطنية لا نقهم منها إلا  تجريما للنضال الإجتماعي و الحقوقي أن لا . صوت يعلو فوق صوت المعركة. وهل مؤتمر سوسة  مؤتمر  انقلابي أم  تطهيري من الوجوه التي احتاجها الحزب للدخول إلى الساحة  السياسية ليرمي بها في ما بعد.
هذه قراءة  في الموضوع تتطلب مجنمعا مدنيا  ومعارضة وطنية يقظين نظرا لدلالات هذا الإنشقاق أو الإنقلاب الناعم في الحزب الحاكم و لعل الأيام تكشف لنا أكثر.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire