vendredi 8 janvier 2016

هلوسات تونسية: بن بريك حصان طروادة

هلوسات تونسية : بن بريك حصان طروادة




  الفكر اليومي في الخطاب الإعلامي ***

لعل الخطاب الإعلامي  العربي الرسمي و غير الرسمي قبل الثورات و بعدها و إن لبس لبوس الحرية (المزعومة) إلا أنه لم يخلع عن جبة السطحية و السذاجة، و لم يخرج من السجال و الجدال المتفنتز العقيم، كل الخطابات الإعلامية (نشرات الأخبار و الحوارات)  لم تنتج سوى الفكر اليومي بل و أعادت إنتاجه من المقاهي و الأرصفة و المكاتب و صفحات التواصل الإجتماعي.
الفكر اليومي عدو النقد لم يمارس النقد و لم يتعلمه الفكر اليومي المتأسس على منطق المحافظة على الخبزة أو الخطاب الخبزيست

***
  الخطاب الديني في وسائل الإعلام الذي لم يخرج من دائرة الأوامر و النواهي  و حتى اجتهاداته لم تكن سوى اجترار بائس لبعض المسلمات و المقولات الباهتة كالوسطية و الإعتدال و هذا موش من ديننا إلخ و لم تطرح مواضيع كالإرهاب في الأصول الدينية بعمقها و لم تفند أقاويلها مع التنويه ببعض الإستثناءات التي لا تغير شيئا من واقع الحال.
الليبراليون أنفسهم أو أدعياء الليبرالية التي لم تكن يوما أصيلة بقدر ما كانت مجرد مقولات تبريرية لرأس المال العالمي ليواصل مص دمائنا (إشتراكي مثلي يدعي أنه ليبرالي يالمعنى الأصيل لليبرالية  لأنني تحرري) هؤلاء الليبراليون أو الخطاب الإعلامي المسوق لهم لم يخرجوا من الفكر اليومي  و أنا أدعي سطحيته و سذاجته و ربما لا أبالغ إن قلت تورطه في تشويه المناضلين وأطروحاتهم الثورية و يحضرني الآن حوار حمة الهمامي مع محمد غلاب و شيء من جدال الشهيد شكري بلعيد مع مايا القصوري
 ، الفكر اليومي مبني بصفة كبيرة على الثقافة الشفاهية و هو البيئة الحاضنة للأحكام المسبقة و الكم الهائل من الفيديوات التي تنشر في الفيسبوك دليل على ذلك مع التنويه بما تمثله هذه الطريقة في نشر المعلومات من مصدر للتحريف و التزوير و اقتطاع الكلام من سياقه و إصدار الأحكام في حق الناس و قتلهم معنويا إلخ

***
و إذ  بهذا المعنى يتبدى لنا أن الفكر اليومي في وجهه الإعلامي ليس هامشيا أو عارضيا بل هو منتشر مسيطر و بالتالي بنى لنفسه حصونا عميقة في الوعي العام أو لنقل في المخيلة العامة و بالتالي فإن تقويض أسسه يحتاج بادئ ذي بدء إختراقات جريئة  لعل  و   أشهرها ما حدث مع الدكتور محممد الطالبي في العديد من المناسبات  حول الخمر و العلاقات الجنسية و حتى هذا الإختراق  من الدكتور الطالبي لم يلبث أن أخذ شكل الفكر اليومي بخضوعه لقواعد الدعاية و الإشهار و التداول كما لو أنه فضيحة جنسية

 توفيق بن بريك**
لا يمكن أن يكون بن بريك أكثر من قنبلة دخان كالصافي سعيد مثلا فالأخير يتحدث كثيرا لكي لا يقول شيئا تقريبا وحتى مواقفه فهي ضبابية تتحمل ألف تأويل و تأويل رغم أن طريقة حديثه استعراضية جدا.
بن بريك لا يتحدث جيدا كما قلمه لكنه يقول كل شيئ خاصة ما لا يريد السيد الأبيض سماعه، فقد خرج على النسق العام بالبلاد و تحدث كواحد منا بلهجتنا بكل ما تحمله من عبقرية و بذاءة و بكل ما تعبر عنه من حزن و غضب  دون أن يسقط في اليومية
بن بريك الذي طوع في خطابه كل الأدب و السينما و حتى الأدب الكلاسيكي العربي كانت له مواقف لا تقبل التأويل جد واضحة وضوح الشمس ليست انفعالية مربوطة بردة فعل بقدر ما هي نتيجة قرائته للمجتمع و السياسة (و التي اعتبرها شخصيا قراءة عميقة) فبن بريك عبر عن معارضته للسلطة منذ زمن بن علي و كان من القلائل الذين أقروا بإغتيال الثورة في مهدها دون أن ننسى اصطفافه الدائم مع اتحاد الشغل في كل المرات التي هوجم فيها،
مع الباجي أيضا و في زمن الباجي استمر توفيق في وقوفه ضد السلطة إل حد أنه عبر بأننا شعرنا بكوننا "طحانة" في عهد الباجي
كاتب باللغتين و قارئ للأدب و إسم متداول بشدة داخل البلد و خارجه يحمل قلما قاطعا كالسيف و لسانا حادا و مواقف منحازة لم تتبدل 
بن بريك حصان طروادة ندخل به القلعة المهيبة للفكر اليومي

.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire